نغارُ من "معاذ"، نحن الذين لم نخدم العَلَمَ سوى في الظلِّ، ولم تلوِّح جباهنا شمس "خَوْ"، وما عبأنا رمل الغور في الخوذة. نغارُ من اسمه البسيط، فيحبُّ الله اسم "معاذ" ويحفظه من السوء والمكر، ونخجلُ من الألف في اسمه، عالية هي كسارية المعسكر، ونحسدُه نحن أطفال المدينة والجبل السابع، على عينيه الزرقاوين كجناحيِّ يمامة، على قَدره المكتوب بخيوط "مدرقة" كركية، وعلى موته الشّجَريِّ، والنار الباردة.. والسلام الأخير.
ونغارُ من مصادفاته الثمينة، هو الذي سقط في النّهر البارد ليلة الميلاد، وماتَ بهيئة نورٍ صباح المولد النبويِّ، هو الفتى الصلب من ضباب يمرُّ، الذي من حجر "تنبو الحوادث عنه وهو ملموم"، نغارُ من صورته الأخيرة: الشهداء إنْ لم يبتسموا فالموتُ أخفُّ من عضلة في الشفاه، ومن صورته الأولى نغارُ: الشهداء إنْ لم يلوِّحوا فإنّ للغياب أسماء لا تمحوه؛ ومن جنازته يغارُ الشهداء: توقفتْ الأرضُ عن دورانها لتعبِّئ رمادَه في قِدْر الحنَّاء.