بيكوز اي كير _ سيدة طموحة، وصاحبة إرادة قوية، استطاعت أن توازن ما بين حياتها العلمية والعملية والأسرية، تحمل درجة الدكتوراة في علم النفس التربوي، كما أنها وفي مراحل حياتها المختلفة لم تنقطع عن تطوير ذاتها من خلال الدورات التدريبية، إنها الدكتورة خولة القدومي.
تقول القدومي " إتسمت حياتي بالعديد من التحديات لكل مرحلة من المراحل، حاولت بعون الله تجاوزها، والتغلب عليها، لم يكن سهلاً بالنسبة لي التخرج من الجامعة الأردنية بكالوريوس تربية بتقدير جيد وبثلاث سنوات ونصف، وأنا حامل بطفلتي الثالثة".
وتضيف بأنها اتجهت نحو العمل الأكاديمي الذي تخصصت به، فكانت أول تجربة لها بالتدريس لمدة سنتين منها سنة عميدة في كليات المجتمع الوطنية- اربد التي كانت تخرّج مستوى الدبلوم وتتمتّع بألق مميز في ذلك الحين.
وأوضحت أنه ولحرصها على الاهتمام بأطفالها فقد استقالت من عملها في نهاية 1984 للتفرغ لتربية مولودة جديدة كانت بالطريق، ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى لم تسمح لها باستقبالها، فلقد اختارها الله سبحانه وتعالى بعد الولادة مباشرة لتكون طيراً من طيور الجنة، بإذنه تعالى.
وأشارت إلى أنها عادت للعمل في عام 1988 حيث التحقت في وزارة التربية والتعليم، كمرشدة نفسية وتربوية، كما أنها اختارت أن تدرس دبلوم الارشاد النفسي والتربوي في جامعة اليرموك، حيث تخرجت بمعدل ممتاز في العام 1989.
والتحقت القدومي ببرنامج الماجستير في جامعة اليرموك تخصص ارشاد نفسي وتربوي في العام 1989، حيث نالت درجة الماجستير بتقدير جيد جدا في العام 1991، كما أنها واصلت عملها واختارت العمل القيادي الإشرافي، فعملت في مديرية التربية والتعليم مشرفة للإرشاد النفسي والتربوي.
وفي العام 2000 كانت للقدومي محطة جديدة مع مرحلة الدكتوراة، حيث اختارت دراسة علم النفس التربوي في جامعة اليرموك، وهو تخصص ما بين التربية وعلم النفس والارشاد النفسي والتربوي.
وحول اختصاصها في علم النفس التربوي تقول القدومي أنّ" هذا العلم يعتبر من فروع علم النفس التطبيقية، حيث يهتم بعمليتي التعلم والتعليم، وهما تعتبران أساس تطور ونمو المجتمعات".
وبينت أن هذا العلم "يساعد المعلمين على فهم المتعلم والمراحل العمرية التي يمر بها، وذلك لجعل العملية التعليمية أكثر فعالية وتأثيرا في شخصيات المتعلمين".
كما "يساعد الأسرة والأهل على تقديم التربية المناسبة لأبنائهم، وذلك من خلال الإرشاد النفسي والتربوي، وتطوير أساليب ونماذج التعليم، والتقييم والقياس النفسي كذلك مراعاة الفروق الفردية، ومتطلبات وحاجات المراحل العمرية المختلفة".
وأوضحت أن علم النفس التربوي يوفّر مظلة واسعة للدراسات التربوية التي تعمل وتساعد في حل ومعالجة مشكلات الطلبة المتعلمين، سواء ما يتعلق منها بالدافعية للتعلم، أو الذكاء، أو الفروق الفردية، والتربية الخاصة، والإرشاد النفسي والتربوي.
وأكدت القدومي على أنّ أبرز ما تحتاجه المرأة العاملة هو إيمانها بقدراتها ومواطن القوة في شخصيتها، إضافة للطموح والدافعية والصبر، والتحلي بالشجاعة وتقبل النقد ومواجهة التحديات، وفوق كل هذا قلب كبير يحمل الحب لأسرتها وصديقاتها، يساعدها في التفاني بالعمل وتحمل الصعاب.
وحول عملها مشرفة في قسم الإرشاد التربوي والنفسي في مديرية التربية والتعليم لمنطقة اربد الأولى بيّنت القدومي أنّ الإرشاد التربوي يتمتع بقدرة كبيرة على التعامل مع الطلبة في المجالات المختلفة، من خلال التفاعل الجيد معهم ومساعدتهم في حل مشكلاتهم، وتوجيههم للتعرف على قدراتهم وممارسة هواياتهم مما يسمح بنمو شخصياتهم.
كما يساهم في فتح قنوات التواصل مع الأسرة، بشكل يضمن الحوار الفعال والتواصل الجيد لما فيه مصلحة الطلبة وضمان سير العملية التعليمية بشكل آمن وسليم، مشيرة إلى أنّ المشكلات التي تشهدها بعض المدارس تمثل انعكاساً للقصور في عملية التوجيه والارشاد النفسي، وضعف دور المعلم الذي لا نستطيع إنكاره.
أما مجال التدريب فقد أكدت القدومي على أن التدريب من أبرز المجالات المهمة لنقل المعلومات والتأثير بعمق بالمتلقين، ونتيجة انتشار المعرفة وتطور أدوات ووسائط التكنولوجيا الحديثة فإن الحاجة باتت ملحة للعمل على تطوير الشخصية وليس فقط تلقي المعلومات، فالمزيد من التدريب يعني المزيد من القدرة للوصول إلى المعرفة.
وبينت أن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المدرب هي السمات والصفات الشخصية، وليس بالضرورة أن تكون وراثية، إذ من الممكن تعلمها والتدرب عليها، ولكن هذا يستلزم الاستعداد والرغبة، أبرزها الثقة بالنفس، والقيادية، واللباقة واللياقة، واحترام النفس واحترام الآخرين، إضافة إلى القدرة على التنظيم سواء الأفكار أو بيئة العمل، والصبر والشجاعة، وغيرها الكثير.
وحول ظاهرة العنف وانتشارها في المجتمع أشارت القدومي إلى أن العنف يبدأ في الأسرة وينتهي بالمجتمع، حيث يستلزم مواجهة العنف تغيير طريقة التفكير والاتجاهات السلبية في المجتمع.
ولفتت إلى أهمية توجيه المزيد من الاهتمام للتربية الأسرية من حيث تعليم المقبلين على الزواج وتدريبهم على بناء علاقة زواجية قائمة على الاحترام المتبادل والشراكة الحقيقية، كما تعليمهم وتدريبهم على أسس التربية السليمة للطفل متضمنة القيم ومساعدة الطفل في نمو الضمير بشكل سليم قائم على اكتساب القيم العالمية الثلاث: احترام النفس (الذات) ، واحترام الآخرين ، واحترام البيئة وما يحيط بنا، وتزويدهم بأدلة وكتيبات تساعدهم في ذلك لو كانوا يفتقرون لتلك المعلومات والمهارات.
وبينت القدومي أهمية تفعيل الدور التربوي للمدرسة بحيث لا يدخل سلك التعليم إلاّ من يؤمن به، فالمعلم هو المربي أيضاً، وهو العالم، وهو المصلح الاجتماعي، لذا يجب أن يضيف شيئاً جميلاً لحياة الطفل، لا أن يسلب بسمته وحبه للمدرسة، وعندما تتحول البيئة المدرسية لبيئة جاذبة وليست طاردة، حينها فقط يصبح للتعليم والتعلم معنى وأهمية.
وقدّمت القدومي مجموعة من النصائح لأولياء الأمور والمعلمين في التعامل مع العنف الأسري وحالات العنف والسلوكيات الخاطئة من قبل الأطفال والطلبة وذلك بتقديم الحب غير المشروط للأبناء لسعادتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم.
وقالت" اسمحوا لأطفالكم بالتعبير عن أنفسهم بحرية، فذلك كفيل بتحرير عقولهم وتزويدهم بالقدرة على التفكير (نقاش وحوار)، وعلموهم المهارات الاجتماعية الأساسية أي مهارات الحياة".
وأكدت على ضرورة الابتعاد عن تربية الأطفال بالتقليد بل يجب السماح لهم بالنمو بالطريقة التي يرغبون بها مع التوجيه، مستشهدة بذلك قول الإمام علي رضي الله عنه: ربوا أبنائكم لزمان غير زمانكم.
ودعت الأهالي إلى تطوير أنفسهم للتعامل مع متغيرات الحياة، ومنها أدوات التكنولوجيا، والثقافة، كما أشارت إلى أهمية التسامح، لافتة إلى أن التربية القاسية الحازمة تؤثر بشكل سلبي لا يقل خطورة عن التربية الفوضوية أو التسيبية أي اللامبالية.
وبيّنت أهمية تشجيع الطفل على ممارسة هواياته، وإن كان لا يمتلك إحدى الهوايات فعلى الأهل مساعدته في إمتلاك احداها وفق قدراته، إضافة إلى تعليم الطفل وتدريبه على ممارسة مسؤوليات في البيت تتناسب مع قدراته، وفق جدول واضح يشارك الطفل في إعداده.
هذا بالإضافة إلى وضع نظام مسائلة مبرمج وفقاً لجدول الأعمال الذي شارك الطفل في اعداده، يحدد فيه الثواب والعقاب، بحزم دون قسوة، فضلاً عن أهمية الإصغاء الكامل للطفل خاصة لشكواه، وعدم التقليل من شأن أية شكوى.
كما شدّدت على ضرورة احترام الطفل خاصة أمام أقرانه والآخرين، مع مراعاة الفروق الفردية، والابتعاد عن المقارنة مع أخوته أو الآخرين، وعدم السماح باستخدام العنف بأشكاله المختلفة لفظي أو مادي.