بيكوز اي كير_ بدأت الصحفية سهير جرادات رحلتها في مهنة الصحافة مبكرا ، منذ أن اختارت والدتها – رحمها الله - لها اسم الأديبة الكبيرة سهير القلماوي ، حيث كانت تحرص على متابعتها خلال وجودها برفقة زوجها الذي كان يمثل الأردن كعضو في اللجنة الدائمة في جامعة الدول العربية ، فمن هناك غرست في ابنتها حب الصحافة والقلم معا ، فكانت تحثها على أن تكون صاحبة قلم مدافع عن المرأة وحقوقها.
حققت جرادات حلم والدتها ، وأخذت الصحافة مهنة لها ، وكانت انطلاقتها الحقيقية من صحيفة " صوت الشعب " ، وانتقلت بعدها للعمل في مجلة الحصاد الاقتصادي، ثم مجلة الافق السياسي ،حتى استقر بها المطاف في وكالة الانباء الأردنية (بترا)، وتخصصت بكتابة القصص الاخبارية والتحقيقات الصحافية الاستقصائية ، وأثناء ذلك عملت فترة مراسلة لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية ، لتتوج خبرتها الصحفية في مجال كتابة المقالات الصحافية ، والتدريب الاعلامي على مختلف الفنون الصحفية والنوع الاجتماعي.
استطاعت جرادات خلال عملها الصحفي أن تكون عونا لزملائها عندما انتخبت عضوا في مجلس نقابة الصحفيين الاردنيين ، وهي العضو الوحيد الذي يمثل القطاع النسائي من الصحفيات الاردنيات للأعوام ( 2009-2011 )، وهي أول أردنية تفوز في انتخابات اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي للصحفيين ومقره بروكسيل كعضو احتياط عن قارة أسيا( 2010-2013)
حصلت جرادات على العديد من شهادات التقدير من مؤسسات تنموية وصحفية ، وتوجت جهودها بالحصول على جائزة الحسين للإبداع الصحفي عن أفضل صورة اخبارية جسدت فيها بشاعة الارهاب، الذي تعرض له الاردن في العام 2007 ، وظلت مهنة المتاعب متنفسا لها ، لا تجد حدثا إلا وتكون حاضرة به ، حيث شاركت في تغطية العدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 ، والعديد من المؤتمرات والاجتماعات والمناسبات والأنشطة في كثير من دول العالم.
رغم اهتمامها في العمل الصحفي عامة، لكن جرادات تحرص في عملها الصحفي على الاهتمام بقضايا المرأة ،مع أنها تعتبر ان ما حققته المرأة الأردنية من انجازات ، ما زال مجرد خطوة بسيطة على الرغم من تبؤها للعديد من المناصب القيادية ،ولها رأي في ذلك حيث تقول " إن التفكير الذكوري المسيطر على اصحاب القرار ، يجعلهم يتوجهون نحو تفضيل اختيار الذكور على الاناث ، الامر الذي ادى إلى سيطرة وهيمنة الذكورية على المناصب العليا والقيادية ، ورفض التشاركية مع المرأة".
وتسعى الزميلة جرادات ، ومن خلال كتاباتها الصحافية المختلفة إلى التركيز على قضايا المرأة وما يعترضها من معيقات تقف امام تقدمها ، ووصولها الى المناصب القيادية والعليا.
وتجد أن للإعلام الهادف دوره في احداث التغيير بالعديد من القضايا المجتمعية ، وساهم في تعديل وإلغاء عدد من المواد القانونية والتعليمات التي كانت تمثل اجحافا بحق افراد المجتمع خاصة المرأة والطفل .
وتقول ل "لانني اهتم " إنني وخلال فترة وجودي كعضو في مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين للاعوام 2008-2011 ، شكلت لجنة للمرأة ، وحرصت على إشراك الزميلات الصحفيات في اللجان المنبثقة عن النقابة ، الى جانب الحرص على اشراكها في المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تعقدها النقابة .
تتابع ..لكن اكثر ما يثر أحزاني تلك العراقيل التي تقف في وجه المرأة ،فقد كنت اود أن أضع المرأة الصحافية على الخارطة النقابية ، فعندما ترشحت لمنصب نائب نقيب ، كانت التدخلات الخارجية ، ومن قبل جهات امنية تقف حائلا أمامي ، حيث تم دعم زميل صحافي ، والطلب مني التنازل لصالحه ، متذرعين بحجة ان المرحلة القادمة تحتاج الى رجل ، علما بان مهنة الصحافة هي مهنة ذهنية وليست عضلية .
وهذه الحادثة جعلتني اتابع جهودي وباصرار كي تأخذ المرأة الصحفية حقها، إذ تقول جرادات" عندما ترشحت لانتخابات اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للصحفيين ، ومقرة بروكسيل ، وتمكنت من خلال اقناع 103 دول مشاركة بالاتحاد من الظفر بمقعد احتياط عن قارة آسيا كأول اردني وأردنية تفوز بهذا المنصب ، لاثبت قدرة المرأة الاردنية من الوصول الى المحافل الدولية ".
تتحدث جرادات ومن واقع اهتمامها في التحقيقات الصحفية الاستقصائية وهي التي تميز الصحفي عن غيره، حيث تصف هذا الفن من اجمل الفنون الصحفية وخاصة أنها قدمت تحقيقات لاقت أصداء واسعة محلياً، وتعبرعن هموم ومشاكل الناس ، حيث أخذت على عاتقها طرح القضايا الجريئة والحساسة .
وتقول عانيت من النظرة السلبية والمواقف والانتقادات التي كانت تعترضني ، كوني تطرقت إلى مواضيع حساسة تلامس قضايا المواطنين بشكل مباشر،وهي مواضيع لم يعتد الصحفي على تقديمها ،مثل مواضيع تتعلق؛ بسفاح المحارم داخل الاسرة ، و قضية شيوع فحص العذرية في الاردن، وفتح ملف التعذيب داخل دور رعاية الأحداث، واللقطاء وعمالة الاطفال والحقوق العمالية وغيرها من المواضيع الحساسة في المجتمع.
لكن هذه االجرأة في الطرح ، أهلها لتكون الوحيدة من زملائها في وكالة الأنباء الأردنية التي شاركت في تغطية الأحداث الدامية التي تعرضت لها لبنان عام 2006 ، ووصف وحشية الاعتداء الاسرائيلي على بلدة قانا في جنوب لبنان " قانا 2 ".
كل هذه الخبرات التي اكتسبتها جرادات عبر مسيرتها الصحفية، جعلها تقدم على مجال التدريب لتكون مدربة صحفية ناجحة ، بل مدربة معتمدة في العديد من مراكز التدريب والنقابات ووكالات الانباء المحلية والعربية ، كما قادتها خبرتها الى تميزها في كتابة المقالات الصحافية التي تتناول القضايا المجتمعية والبعد السياسي المحلي ، والتي تمتاز بالجرأة الزائدة ، وذات السقف العالي في حرية التعبير .
وحول الجرأة في الطرح التي تمتاز بها مقالاتها ، تجد جرادات أنه هناك فرقا كبيرا بين الجرأة وبين الالتزام بالمهنية ، فالجرأة تكون في طرح المواضيع وفتح الأبوابالمغلقة، والوصول إلى الحقائق وكشفها والحديث عن مواضيع تكون محرم الحديث عنها أو طرحها.
تتابع ....بالمقابل إذا تعامل الصحافي مع المواضيع بمهنية عالية، فهذا الأمر يجعله يصل إلى مجالات متقدمة في التعرف على حقائق تكون غائبة لدى الرأي العام، إلى جانب منحه مساحات أكبر من الحرية وبالتالي يكسب ثقة القراء، وهنا تكون مصداقيته عالية امام جمهوره.
تصف جرادات شعورها لدى فوزها بجائزة الحسين للابداع الصحفي بأنه يحمل مضامين عديدة ومهمة ، جعلها تشعر بالفخر أولا أنها أنجزت عملا قربها من الناس وقامت بواجبها كاعلامية تجاههم ، وكذلك فان هذا المواضيع تثير شريحة كبيرة من الناس، اضافة إلى ما تتمتع به المواضيع من مهنية وحرفية وهذا اعتراف من لجان التحكيم المشرفة على الجائزة، حيث ان العلامات توزع ضمن معايير أهما الاسلوب الشيق ، والمضمون المفيد والتحرير الجيد ، والموضوع الذي يهم الشريحة الاكبر في المجتمع أو المجتمعات ، لذلك فإن الحصول على جائزة يدل على مقدار الحرفية والمهنية التي وصل اليها الصحافي ، ومدى ملامسته لهموم المواطنين من خلال طرح القضايا التي تمسهم وتؤرقهم ، وضاقوا ذرعا بعدم طرحها والوصول الى حل لها .
أما بالنسبة إلى التدريب فتشعر ان فائدته كبيرة ،إذ يتمكن الصحفي المتدرب من تجاوز المعيقات التي تعترضه في مسيرته الصحفية من خلال معرفة القوانين والأنظمة والتشريعات التي تنظم مهنة الصحافة ، وبالتالي يتمتع بالمهنية العالية ويعرف حدوده ، ولا يتجاوز ذلك بوعيه وقدرته في التعامل مع المواضيع ،وهذا لا يأتي إلا من خلال التدريب الجيد والمناسب الذي يصقل مهارات الصحفي ويطورها ، إلى جانب تعريفه بحقوقه وواجباته المهنية .
تعتقد جرادات أن المرأة الاعلامية الأردنية ،قادرة على تبؤ مراكز قيادية بما تملكه من خبرات وقادرة على تحقيق الانجازات على الساحة الاعلامية ،وعلى اصحاب القرار أن ينظروا اليها بجدية عالية، وخاصة أنه ما زال تمثيلها في المناصب القيادية الاعلامية لا يتجاوز نسبة 1 % ، حيث لا يوجد إلا رئيسة تحرير واحدة لصحيفة يومية وهي نسبة بسيطة مقابل جهودها وقدراتها وبصماتها على الساحة الاعلامية .
وتعود الاسباب بحسب جرادات الى النظرة المجتمعية الخاطئة والتفكير الذكوري نحو المرأة الصحافية والذي لم يصل إلى مرحلة النضج ، وعدم المساواة وتحقيق الفرص بين الجنسين .
تتمنى جرادات أن تتغير هذه النظرة بحيث تصل المرأة الصحفية إلى مبتغاها وتحقيق طموحاتها، إذ أن الصحفية لديها قدرات فنية ومهارية في العمل الصحافية لا تقل عن الرجل ، وهي تتحلى بصفات تجمع بين المهارة والفن والجهد والارادة التي تتسلح بها وتتميز بها عن غيرها ،بحيث تكون قادرة على العطاء والعمل بكل تفان واخلاص .
وتؤكد ان الكثير من الصحفيات تخطين الصعاب وأثبتن أنهن يستطعن أن يكن نساء قياديات وقادرات على ادارة مؤسسة إعلامية سواء مؤسسات صحفية أو مؤسسات اعلامية رسمية لانهن صاحبات ارادة ، وعلى صاحب القرار الخروج من ظلمة الفكر الذي يسيطر عليه ،وان يفتح المجال أمام المراة الاعلامية بقيادة المؤسسات الاعلامية .