بيكوز اي كير_خاص_ أكدت سلمى الجاعوني، المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية ل "لانني اهتم" أنه وقبل أكثر من عشر سنوات جاءت فكرة مجلس اعتماد المؤسسات الصحية من قِبل معالي وزير الصحة آنذاك المهندس سعيد دروزة ونخبة من القيمين على القطاع الصحي الأردني، حيث كانت الحاجة لتبنّي أداة لقياس جودة الخدمات
فأتى نهج الاعتماد بحسب الجاعوني ليبني المؤسسات على معايير واضحة وقابلة للقياس،متخصصة بالمؤسسات الصحية وتغطي نواحي متعددة من أسس ومبادىء تقديم الخدمة الصحية المتكاملة ذات الجودة، والتي تحافظ على سلامة المرضى، منها الملف الطبي المفصل وادارة الدواء وحقوق المرضى واستمرارية الرعاية وضبط العدوى والادارة الداعمة والموارد البشرية المتخصصة وغيرها
واضافت انه يتم اعتماد معايير قابلة للقياس وليست بعيدة عن الواقع بعد مشاورات مكثفة مع اصحاب الاختصاص. اليوم يشرف على مجلس اعتماد المؤسسات الصحية مجلس ادارة مؤلف من من القطاعين العام والخاص على شكل ما يُعرف ب"الشراكة بين القطاعين العام والخاص" (public private partnership)، وقد انبثق بشكله غير الربحي عن لجنة وطنية قامت بتأسيس مجلس الاعتماد بموافقة كافة المؤسسات الصحية الحكومية والخاصة
وأوضحت المدير التنفيذي أنه في عام 2010، صدر قانون الشركات غير الربحية ليدعم المؤسسات المختلفة من تعليم وصحة وبيئة وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، تنفيداً لمبدأ الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، مشيرة إلى أنّ هذا القانون هو ما ساعد على تأسيس المجلس، فهو فعليا مملوك لوزارة المالية عن وزارة الصحة بالإضافة الخدمات الطبية الملكية ومستشفى الملك عبدالله المؤسس وجمعية المستشفيات الخاصة والمجلس التمريضي الأردني
وبينت الجاعوني أن معايير المستشفيات، على سبيل المثال، تتضمن 347 معيار موزعة على 14 مجموعة وأكثر من 1200 عنصر قابل للقياس يتم من خلالها قياس مدى تطبيق المستشفى لهذه المعايير من خلال زيارة يقوم بها مقيمون مدربون يعملون على مراجعة الملفات والسياسات ومطابقتها مع ممارسة العاملين في المستشفى والنظر إلى رضا المرضى واجراءات السلامة والجودة غيرها. ويقدم المقيم في نهاية عملية التقييم تقرير مفصل يتم مراجعته وتدقيقه من قبل فريق عمل المجلس ويعرض على لجنة فنية منبثقة عن مجلس الادارة للتوصية بمنح (او عدم منح) شهادة الاعتماد ومدتها سنتين. وفي حال نتج عن التقييم قرارَ بمنح الاعتماد، ينفذ المجلس تقييم منتصف المدة غير المعلن للتحقق من تطبيق المستشفى للمعايير وكل ما يخص المريض ومقدم الخدمة الصحية
وتؤكد الجاعوني أن مجلس الاعتماد يلتزم بمجموعة من القيم عند اتخاذه لقرارات متعلقة بجودة المؤسسات الصحية وخدمات الرعاية الصحية وسلامتها تتمثل في التطوير المستمر، والتركيز على العملاء، والتعليم سيما وأن مجلس اعتماد المؤسسات الصحية هو مؤسسة تعليمية تقدر قيمة التعليم والتعلم، بالإضافة إلى الشفافية والمساءلة في كافة القرارات والأعمال التي يتبناها المجلس، والشراكة والتعاون مع مزودي الخدمات والعملاء والمؤسسات حكومية ومنظمات المجتمع المدني التي تؤمن برؤية المجلس، فضلاً عن قيم عدم التحيز والنزاهة
ولفتت أن 25 مستشفى اليوم حاصل على شهادة اعتماد مجلس اعتماد المؤسسات الصحية من مستشفيات حكومية وخاصة وتعليمية وغير ربحية، إضافة إلى 94 مركزاً صحياً، و20 وحدة تصوير ثدي شعاعي، مشيرة إلى أنّ المجلس يمنح شهادة معترف بها دوليا من الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية (ISQua). وأضافت أن المجلس يفخر بكونه المؤسسة الوحيدة في العالم العربي الحاصلة على الاعتمادات الثلاث من (الإسكوا) وهو فخر للأردن السباق دائما في مواكبة الأسس العالمية في جودة القطاع الصحي وسلامة المرضى
وعن مهمة ورؤية المجلس تقول الجاعوني أن مهمة المجلس تتمثل في السعي المتواصل إلى تحسين نوعية وسلامة مرافق وخدمات وبرامج الرعاية الصحية من خلال تطوير معايير مقبولة عالمياً، وبناء القدرات ومنح الاعتماد بالشراكة مع أصحاب المصلحة محلياً وإقليمياً، أما رؤية المجلس فهي أن تكون الخدمات والبرامج وشهادات الاعتماد التي يقدمها مجلس الاعتماد للمؤسسات الصحية الاختيار الأول لمرافق ومؤسسات الرعاية الصحية في الأردن والمنطقة
ويحتل المجلس مكانة عالية من الاحترام والثقة من مؤسسات وطنية وعربية ودولية، حيث تم اختياره لتقديم خدماته المختلفة من تطوير المعايير وبرامج الجودة والتدريب محلياً للمجلس التمريضي الأردني والمجلس الوطني لشؤون الأسرة والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والمشاريع الممولة من الوكالة المريكية للتنمية الدولية (USAID)، وإقليمياً لوزارات الصحة في كل من فلسطين والعراق والسودان وإيران وباكستان، بالإضافة إلى التعاون مع المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق البحر الأبيض المتوسط (WHO EMRO)
وبيّنت الجاعوني أنّ المجلس يُعنى بتطوير إجراءات ومقاييسَ وبرامج لتحسين جودة وأداء مؤسسات الرعاية الصحية، حيث يقوم بمساعدة مؤسسات الرعاية الصحية لتقييم أدائهم ومقارنته بالمعايير المعتمدة، ومن ثم مراقبة التطورات بالاستعانة بمهارات تحسين الجودة، كما ويقوم المجلس بتحديد المعوقات التي تقف في طريق عمليات التحسين هذه، ويعمل جاهداً على تطوير الاستراتيجيات المناسبة لتخطي تلك المعوقات وذلك حرصاً منه على توفير المساعدة والدعم لمختلف مؤسسات الرعاية الصحية لكي تتمكن من تحقيق معايير الجودة والمحافظة عليها
وأشارت إلى أنّ المجلس يعمل في مجالات ونشاطات عديدة منها وضع معايير الرعاية الصحية الوطنية وتحديثها ومراجعتها وتصنيفها وتوزيعها على مؤسسات وبرامج الرعاية الصحية مع مراعاة متطلبات الجمعية الدولية لجودة الرعاية الصحية، بالإضافة إلى منح المقيمين شهادات معتمدة تؤهلهم لتقييم مؤسسات وبرامج الرعاية الصحية استناداً إلى المعايير، والتوصية بمنح الاعتماد أو عدم منحه لهذه المؤسسات
واوضحت الجاعوني ان مجال عمل مجلس اعتماد المؤسسات الصحية لا صلة له بتقييم أداء مقدمي الخدمة من الناحية الطبية والعلاجية، فهذا تحكمه سياسات وإرشادات سريرية كما أن تحديد/تقييم اهلية مقدم الخدمة تعتبر من اختصاص المجلس الطبي الأردني
ونوهت الى ان الجودة في القطاع الصحي تتكون من منظومة متكاملة، يكون الاعتماد جزءا منها، تتمتع بمقومات اخرى مثل وجود مسارات علاجية وطنية، وقاعدة بيانات وقياس للمخرجات الصحية، تحديد وتحليل الحوادث المهمة غير المتوقعة، وقياس معدلات ضبط العدوى والحوادث العرضية وغيرها. ويعلو ذلك تطبيق صارم للقوانين الأردنية والمساءلة عند الاخلال بها، بالاضافة الى اهمية تطبيق أسس التعليم المستمر واعادة الترخيص بشكل دوري لكافة العاملين في القطاع الصحي لضمان اعتماد التداخلات والعلاجات الأكثر تقدما، وهو ما يجري العمل عليه حاليا من قبل وزارة الصحة والمجلس الطبي الأردني وشركاء القطاع الصحي في المملكة
وتعود الجاعوني لتؤكد أنّ المجلس يعمل مع المؤسسات الصحية من مختلف القطاعات لرفع أدائها المؤسسي وتحسين بيئة العمل للكوادر الصحية من أجل تقديم رعاية صحية آمنة وتوفير بيئة سالمة للمرضى والمراجعين
وتشير إلى أنّ تطبيق المعايير ليس بالأمر الصعب؛ فمن خلال الالتزام بها وقياس مدى ذلك الالتزام بشكل دوري من خلال الاعتماد واعادة الاعتماد تتبلور ثقافة الجودة وتصبح راسخة ومطبقة بشكل يومي، فهناك قصص نجاح لمراكز ومؤسسات فاقت التوقعات
وتقول "إن لمس التأثير المباشر للاعتماد ليس بالأمر السهل، إذ أن معظم المداخلات هي لأمور قد لا تكون ملموسة لمتلقي الخدمة، كالسياسات والاجراءات في غرف العمليات والمطبخ والمصبغة مثلا، وانظمة ضبط العدوى والشؤون الادارية، ولكن يكون اثرها على سلامة العامل والمريض والمراجع عالية جدا"
كما تؤكد "كل ما يطوره المجلس من أدوات وبرامج ومعايير هي قابلة للتطبيق او تتماشى مع الممارسات العالمية، وهذا يتضح جليا من خلال تشاركنا مع القطاع الصحي الأردني والتشاور في لقاءات وورش عمل تطوير المعايير، ومن ثم الاستئناس بأرآء الخبراء العالميين يليه متابعة تطبيقها عن كثب ، مما يساعدنا على تحسين خدماتنا بشكل مستمر"
ولأن مجلس الاعتماد يؤمن انه لا يمكن احداث تغيير من دون دعم المؤسسات الصحية وتدريب الكوادر وتسليحها باسس ومبادىء سلامة المرضى، تشير الجاعوني إلى أنّ المجلس لديه جهة متخصصة بالاستشارات والتدريب والتعليم، يعمل من خلالها على تجزئة التحديات وتقديم البرامج المتخصصة لمساعدة الكوادر والمؤسسات على تخطيها
وفي هذا السياق، يعقد المجلس كل سنتين مؤتمراً لجودة الرعاية الصحية يهدف الى توفير منبر علمي وفرصة فريدة من نوعها للتطوير المهني والتواصل لجميع المشاركين والمهتمين في سلامة وجودة الرعاية الصحية في الاردن والمنطقة
ويأتي هذا العام المؤتمر الرابع تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك عبد الله الثاني بعنوان "تجسير الفجوة بين تصميم أنظمة الجودة وتطبيقها: سلامة المريض أولا" من 4-6 كانون الأول 2017
ويستقطب المؤتمر أكثر من 500 خبير عالمي ومحلي، من وزراء وصانعي السياسات وخبراء الجودة والعاملين في مجال الرعاية الصحية لمناقشة مجالات متعددة تتعلق بالسلامة الصحية وادارة الجودة وغيرها، وذلك لاثراء معلوماتهم وتعزيز قدراتهم ودعمهم من اجل احداث التغيير الايجابي في جودة الخدمات الصحية وتقديم رعاية افضل وتوفير خدمات امنة
ويترأس اللجنة التوجيهية للمؤتمر سعادة الدكتورة رويدا المعايطة، مستشارة صاحبة السمو الملكي الاميرة منى الحسين – حفظها الله- وسيلقي كلمة الافتتاح البروفيسور ديفيد بيتس، نائب الرئيس ومدير الابتكار لمستشفى بريجهام النسائي في بوسطن
ويتضمن المؤتمر بحسب الجاعوني المواضيع الآتية: المريض شريك في الرعاية الصحية، وتعزيز ثقافة المساءلة المتعلقة بسلامة المرضى، وإدارة المعلومات وتوفيرها، بالإضافة إلى الاستثمار في التدريب والتعليم، والحوكمة والقيادة
والى جانب المؤتمر، يعقد المجلس سنويا مبادرة (يوم التغيير) والتي يطبقها منذ عام 2014 تحت رعاية صاحبة السمو الملكي الاميرة منى الحسين – حفظها الله- لحث العاملين في القطاع الصحي على التعهد بالقيام بنشاط له علاقة بالجودة وسلامة المريض ليوم واحد فقط
وأوضحت الجاعوني أنّ الفكرة جاءت من إنجلترا لتحفز مقدمي الخدمة الصحية على الابتكار ولمس المبادرات البسيطة ذات الاثر الكبير على رحلة المريض والتي لا تحتاج الى موافقات عليا او موازنة مالية.وقد كانت التعهدات في عام 2014 قد بدأت بأمور بسيطة سهلة التطبيق لاقت الاعجاب الكبير من المواطنين والمرضى والمراجعين ومقدمي الخدمة الصحية، وتتطورت في عام 2017 لتطبق معايير الاعتماد. ووصلت التعهدات حتى اليوم الى أكثر من 140,000 تعهد وكان يوم التغيير بتاريخ 8/11/2017
وفي النهاية، أكدت الجاعوني أنها ستزودنا في لقاء آخر بتفاصيل يوم التغيير لهذا العام وما تضمنه من مبادرات وقصص حملت فكرة التغيير نحو الأمام ، كما ستطلعنا على آخر المستجدات التي تتعلق بنجاحات الاعتماد وتأثيره على القطاع الصحي الأردني، وخصوصا أن مجلس اعتماد المؤسسات الصحية يحتفل في هذا العام بالذكرى السنوية العاشرة على تأسيسه