وداد قعوار تُعد أهم المراجع للتراث الأردني والفلسطيني
بيكوز اي كير_ فاتن سلمان _ طفولة الترحال بين مدينتين عريقتين .. جذورهما ضاربة في اعماق التاريخ ، هي ملخص نشأة خبيرة التراث الاردني والفلسطيني وداد قعوار ، ففيما التنقل بين بيت لحم مسقط الرأس ، ورام الله منشد العلم والتعلم ، كان لابد من التقاط اشارات الحياة الفلسطينية عموما وتراثها خصوصا ، فانعكس ذلك لديها مهارة في جمع الثوب الفلسطيني ذائع الصيت الذي ارتبط بالمراة الفلسطينية ونضالها وقضيتها الحاضرة في المشاهد الحياتية طالما في عمر الامة بقية
من هناك كانت انطلاقة قعوار التي وان استحوذ التعليم بمدرسة داخلية في رام الله على جل وقتها وطفولتها وعبر سنوات ، الا ان الانتقال بين مدينتين لابد وان يوفر للمرء مخزونا ثقافيا حول تراث بلاده ، التي ولد فيها الاجداد وانجبوا لها الاحفاد ليواصلوا مسيرة الاعمار رغم الويلات والنكبات
ويشكل عام 1948 علامة فارقة للسيدة قعوار بعد ان تبدلت الاحوال واضحت البلاد تحت نير احتلال ، فلا النسوة عدن لارتداء اثواب التراث بعد ان اشغلتهن مآسي الحرب وبات المخيم ملاذا لهن ولفلذات اكبادهن وازواجهن ، وتبعا لتطورات الحال القسرية كان لابد من تبدل الاهتمام نحو رسالة اخرى عنوانها " كيف نحافظ على التراث الفلسطيني من دنس المحتل وتزويره ونسعى لحفظه والحفاظ عليه ما حيينا
تقول قعوار" بدأت أشعر في ذلك الوقت بضرورة الحفاظ على ما كانت عليه الحياة في الماضي وجعل النساء من جديد يفتخرن بملابسهن وأثوابهن التراثية فبدأت بجمع قطع القماش التراثية الصغيرة ومن ثمّ جمع الأثواب
لم تكتفي قعوار بجمع القطع والأثواب بل كانت تستفسر عن نوعية الثوب والتطريز والخيطان المستخدمة وكل ما يتعلق بالقطعة التراثية والعمل على تدوين ذلك نظراً لأهمية هذه المعلومات للأجيال القادمة
واستمدت قعوار المعلومات التراثية تلك من السيدات اللواتي يرتدين الأثواب الفلسطينية ومن ثم التجأت إلى قراءة الكتب المتخصصة بذلك، وهنا تقول "كنت أذهب إلى كل سيدة وأجمع المعلومات منها وبالفعل بدأت بالقرويات والبدويات ومن ثمّ المرأة في المدينة فجمعت التراث القديم مع الحديث في القرية والبادية والمدينة لأن حياة المرأة تختلف فيها
أصبحت قعوار تلقّب بـ "أم اللباس الفلسطيني" لحبها وشغفها بالتراث الفلسطيني، ولم تكتفي بجمع الأثواب الفلسطينية إنما باتت تحرص على جمع المعلومات المتعلقة بالتراث كافة كالأكل والأعراس والمناسبات المختلفة فضلاً عن القش والقبع البُسط التراثية وغيرها من الأدوات المنزلية التي كانت تستخدم في الماضي
تعتبر قعوار التراث بمثابة الرسالة التي تنقل فنّ وتاريخ وسياسة وجغرافيا الوطن وهي ترى بضرورة الاهتمام به كما تُحمّل المرأة بالدرجة الأولى مسؤولية ذلك، فتقول" المرأة عليها حمل كبير أكثر من الرجل فيما يتعلق بحفظ التراث فعليها أن تحتفظ ببعض القطع و الأدوات أو حتى الملابس التراثية كي يدرك الأبناء أهمية التراث وينشأ على حبه، كما أنه من الضروري أن يتم إدراج التراث ولاسيما الأردني ضمن مناهجنا التعليمية لخلق اهتمام لدى أبنائنا الطلبة تُجاهه
ودعت السيدات إلى تبادل الهدايا التراثية والأعمال اليدوية المحلية للفائدة التي تعود إلى صانعيها بالإضافة إلى دور ذلك في نشر التراث والتشجيع على اقتناء أدواته
ساهمت قعوار بكتابة العديد من المقالات والكتب المتعلقة بالتراث ومع ذلك ترى أن الإعلام المحلي مقصر بالترويج والتوعية حوله والاهتمام به وهي تطالب بعمل برامج تراثية أسبوعية وزاوية في الصحف المحلية تهتم بالتراث كي يبقى الاهتمام به مستمراً بين الأجيال المتعاقبة
وتعتبر قعوار رئيس مجلس إدارة متحف "بيت الطراز" والذي يعرض مجموعة من ملابس المرأة التراثية والحرف التراثية والقطع الخشبية والنحاسية بالإضافة إلى الحُليّ والمُصاغ الفضية بالإضافة إلى مكتبة للكتب التراثية
وتقول قعوار" بلغت تكلفة المتحف حوالي مليون دينار ولكن للأسف لا يحظى بالكثير من الزوار على الرغم من تلقيه الدعم والتشجيع الكبيرين من مرجعيات عليا لكن هذا الدعم يحتاج لجهد موازي يفترض أن تؤديه وزارة السياحة
يعمل المتحف على إقامة العديد من المعارض الناجحة محلياً للتعريف بالتراث كما أن معظم زواره من طلبة المدراس بالإضافة إلى السياح المتعطشين لمعرفة التراث ولاسيما الملابس، هذا بالإضافة إلى إقامته لمعرض البُسط اليدوية والذي تعتبره قعوار من أنجح المعارض التي أقيمت حيث تقول "لقد كان موفقاً جداً أقمناه قبل حوالي ثلاثة اشهر وأحضرنا السيدة البدوية التي نسجت بنفسها البُسط أمام الحضور كما تضمن المعرض عمل الثوب العربي حيث كنا قد أحضرنا من بعض الدول العربية المجاورة كالعراق وسوريا أثواب تراثية لعرضها والآن نخطط لعمل معارض أخرى في متحف طراز وعن الحمام العربي
كما شاركت قعوار في العديد من المعارض التي أقيمت في ميونخ حيث تمّ عرض التراث الأردني والتراث الفلسطيني بالإضافة إلى مشاركتها في الدنمارك لعرض الموزاييك
ترى قعوار أنّ التراث لم يحظ بنصيبه من الاهتمام خاصة من الجهات المعنية وقبل حوالي قبل 12 سنة كان هناك مجلة تصدر من دائرة الثقافة تضم العديد من المقالات والأبحاث المتنوعة بالإضافة إلى الكتب التراثية
قامت قعوار بتأليف العديد من الكتب التراثية أبرزها أثواب لونتها الشمس (عن معرضها في اليابان)، ألفا سنة من الألوان (معرضها في الدانمارك)، الغزل والحياكة في البادية (سويسرا)، ذاكرة الحرير (باريس)، من أجلك يا قدس (أبو ظبي)، من التراث العربي (الرياض) وكي لا ننسى (بيروت) من إصداراتها: التطريز الفلسطيني «غرزة الفلاحي» التقليدية (بالاشتراك مع تانيا ناصر) وعروق التطريز الفلسطيني، كنز الغرزات (مع مارجريتا سكنر
وأشارت قعوار إلى أن العديد من الطلبة يقصدونها لغايات الحصول على معلومات حول التراث بهدف اجراء دراسات وأبحاث حوله نظراً لقلة المصادر التي تناولت التراث، لافته إلى ضرورة الوعي حول أهمية إجراء تلك الدراسات في الجامعات منعاً لاندثار التراث
ودعت إلى ضرورة مساهمة الجمعيات النسائية بحماية التراث عبر عمل ورشات ودورس تدريبية للسيدات والفتيات لتعليمهن التطريز، مشيرة إلى أنها قامت بعمل تلك الورشات التي لاقت نجاحاً وإقبالاً من سيدات المجتمع المحلي ولاسيما في مخيم الزعتري حيث تم تدريب 40 سيدة سورية على التطريز وأنواع القطب بالتعاون مع إحدى المنظمات الأجنبية
وبعيداً عن التراث تهوى قعوار قراءة كتب التاريخ العربي، هذا بالإضافة إلى حرصها الدائم على الكتابة وتدوين المعلومات التراثية بشكل مستمر والتوسع فيها لتشمل الحرف اليدوية والملابس وغيرها
ودعت الشباب بالاهتمام بالقراءة والتركيز على العروبة وعلى ثقافتهم العربية والتأقلم مع التغييرات التي تحدث بشكل سريع في الحياة، أما المرأة فوجهت قعوار السيدات إلى الاهتمام بتربية أبنائهن لاعتبارهم المستقبل المنشود والعمل على تطوير هواياتهم وتوجيههم باستمرار
وتعتبر العائلة من وجهة نظر قعوار سلسلة من الروابط المتينة وتقول" كنت حريصة على الاهتمام بدراسة أبنائي .. كما أنّ زوجي كامل أمين قعوار كان الداعم الرئيسي في حياتي آمن بمسيرتي كما وكان يمثل جزءاً كبيراً من نجاحي ونجاح أبنائي