ألبسُ غيْمَةً داكنة، وأدخِّنُ بخاراً دافئاً، وأردِّدُ بلا دمعٍ واضح شعراً كلاسيكياً لـ "بدر شاكر السيَّاب" يلائمُ الأجواء السائدة التي أعلنت عنها مراراً النشرة الجوية بأيْمانٍ صادقةٍ، وأقولُ في قلبي الكئيب:"إنْ صادفتُ امرأةً في هذا الشتاء سأحبُّها، وأعدها بصيفٍ ونجمات، في أيِّ فصل قادم"! ولديَّ رغبة حارَّة للحبِّ في هذا الجوِّ البارد، على أنْ لا يخضعَ لعُرف المطر، بأنَّ كلَّ قصص الغرام التي تبدأ في الشتاء لا ينضبُ دمعها، فالتعساء في الحبِّ هم منْ روَّجوا أن للشتاء بكاء، والشعراء هم منْ صدَّقوا الكذبَة، والساذجون هم من غنُّوها. وليس لي في هذا الشتاء حبيبة، ولي وكان لي ألف سبب للبكاء؛ لكنَّ الدمع لا يُستجدى بصلاة الاستسقاء!والحبُّ قصير، ففي أطول بكائه، ليس أبعد من نهر يطرأ في الشتاء، وساعاته محدودة كتلك التي يصمدُ فيها ثلجٌ سقطَ مرغماً على أطراف الصحراء، وأيامه معدودة مثل منخفض لا يزيدُ عمقه على حِدادِ طير على سُنبلة، والحبُّ أقصر من حبل هذا الكذب: فلو كان الشتاءُ صادقاً لما تظاهرَ بالبكاء، ولو كنتُ صادقاً لما أحببتكِ في هذا الشتاء؛ في الشتاء لن أحبَّ، سأقتفي أثر "سحابة صيف".الشتاءُ.. هو اسم الحبِّ إذا كانت الأسماء على مسمياتها، وهو شكل الحبِّ إذا التحَمَ عاشقان كغيمتين صبورَتيْن، وملامحه إذا أخلصَ عاشقٌ لذكرى عاشقة، ومآله إذا كانَ البكاءُ شكلاً مقترحاً للخاتمة، وقد افترقنا، قبل شتاءَيْنِ تحت المطر؛ فبكيتُ، وبدا أنَّها بكتْ، والآن لا مطر يُربكُ سير الطرقات، ولا غيمَ ثقيلاً مثل كنزة الصوف يلامس أكتافنا، فالحبُّ هو اسم الشتاء إذا كانت الأسماء على مسمياتها، وشكله إذا وقع طائران في مجاز واحد، وهيئته التي تدرُّ الضحك عندما يصبحُ الشتاءُ محاولةً للبكاءِ!و"الشتاء فصل النساء، لأنَّ الرجالَ لا تبكي" قال جدِّي الذي مات في "الماطر" من "شباط"، أما أبي فكان رومانسياً، يُفضِّلُ الموتَ في الثاني والعشرين من كانون أول، حتى تشاركَ السماءُ بمخزونها الاستراتيجيِّ من الدمع في أربعينه. وفي أول شتاءٍ مرَّ على وفاته، حلمتُ أنَّه يطلبُ منِّي أنْ أغطيه بلحافٍ آخر: في اليوم التالي أو الذي يليه، مررتُ قربَ المقبرة، ولم أجرؤ على دخولها، فقد هطلَ المطرُ مجدداً، فوقفتُ تحتَ مظلة "دكان"، أراقب عودة المشيِّعينَ من جنازة رجلٍ تُرِكَ وحيداً دون لحاف. حضَّرتُ كلاماً قاسياً لألومهم، لكن عندما مروا أمامي، انسللتُ بينهم، مرتدياً معطفين!عاد الشتاءُ، وكلَّما أقرَّت "فيروز" بعودته، تذكَّرتُ أنَّ لي رغبة قديمَةً بالبكاء: على حبٍّ له عُمْرُ الثلج، أو على أبٍ ماتَ طلباً للدفء، أو على وطن يغرقُ في أيِّ ماءٍ بمعدَّل شبرٍ ناقص الإبهام. عادَ قطبياً، عنيفاً، كما توعَّدت مذيعة ترتدي نصفَ حصَّتها من الملابس، وهذا الشتاءُ يثيرُ فزعي، يُربكني كحبٍّ مُحْتمل عندما أصافحُ امرأةً اسمها "اليكسا"، يُذكِّرُني بالنهايات التي خرجت من كتبها المحفوظة قبل موعدها، فقد ولدتُ في الصيف وأخشى خاتمة الشتاء، وهذا الجوُّ الغائم بالأسرار يجعلني حكيماً، فالغيمُ الأسود لا يحمل الثلج، وهذا الشتاءُ غريبٌ كالحبِّ، كذكرى عاشقةٍ: فالمَطرُ في "عمَّان" والغيمُ في قلبي!
naderrantisi2 (1)
Statement
اللامُبالاةُ ليست فلسفة,وهى حتماّ ليست موقف؟ موجودون نحن اليوم لأنّنا نهتــــمُ , ففي مكان وزمان ما,وُجد شخص ما,إهتمّ بنا يوماّ, حقاّ. أنا مُهتمّة بكثير من الأشياء من بينها,النّاسُ الجميلة,النّاسُ النغم. في الواقع النّاسُ هى أجملُ خيارات الكون؟ فقط نحن من نسينا ذلك ؟ بماذا تهتمُ؟ وبمن تهتمُ؟ ولماذا تهتمُ ؟ وشو هو الشى المُهم لك / لكي وعنجد | تصريح رقم 1 |
عندما نهتمُّ حقاّ تُفتح الفرص والأبواب المُغلقة على مصراعيها, وكلُّ ما هنالك أنّك تحتاجين الى المُبادرة. نعم هذا كلّ ما في الأمر ! الكثير من التشبيك والتواصل وأخذ زمام | تصريح رقم 2 |
ويتبع... |