Home Page
+33° C

الثانية عشرة دائماً

الليلة هي الأخيرة، والعام هو الأخيرُ، ولي أمنيات مستحيلة كالمحكوم بالإعدام، أنْ أعيدَ ترتيبَ الوقتِ، وتسمية الأيام، وتبديل الأعوام، وكلُّ ما يريده رأسي الليلة أنْ ينامَ على ركبتيكِ، عند الثانية عشرة "تماماً"، مثل يتيم الآباء؛ فهاربٌ أنا من العام الخائب إلى عينيكِ، ومن الصحراء إلى يديكِ. خرجتُ برأسي من كلِّ المظاهرات الخاسرة فأحميه من السقوط ثانية، وبرفقٍ مسِّدي شعري وأدخليني زمنكِ الطويل حتى الثانية عشرة "دائماً".

الدقائقُ الثلاث التي بها انتظرتكِ حتى تقطعين شارعاً بيننا مزدحماً بالأضواء، الساعاتُ الخمس التي كنتُ أرتِّب فيها الكلامَ على الكلامِ في علبة المناديل، الأيام التي تفصل الأحد عن أحدٍ ماضٍ، الأسابيع التي مرت ثقيلة على قدميَّ في حزم جافة من الأشهر الحُرم، العام الذي بدأ قبل ألف سنة واختار موتاً مشهوداً على رأس هذه الليلة: كلُّ هذا الوقت ظلَّ معلقاً على الحائط في ورق مصقول، كزينة مؤقتة؛ كلُّ هذا الوقت ظلَّ، كالزينة المؤقتة، في ورق مصقول، معلقاً على الحائط.

والوقتُ نقوشٌ رتيبة على شالكِ، نشارة التبغ الأشقر في سيجارتكِ، أحرف كثيرة مهدورة قبل أن يتشكَّل اسمكِ بين روّاد البار، مرور الرجل السمين ببدلة السفاري بطاولتكِ، طول البال الذي في صوت "فريد الأطرش"، خطوات النادلة الصفراء قبل صعود الفجر، الضجيجُ الذي جلبه الشاعر الخشن من الشرفة لحقن القصيدة بالموسيقا، الأحداث التي تجري كالمعتاد وراء النوافذ، بعد درج البار، خطوتان، انتظار القاتل، تثاؤب القتيل، تشاغل شاهد العيان، خشخشة في ميكروفون سيعلن نبأ عاجلاً، النهارُ، الغبارُ، أسماءٌ، أشياءٌ، مطرْ، ضجرْ، والوقتُ يجري على الإسفلت مع المتسابقين في سباق الضاحية، والوقت بالأمس كان له طاولة محجوزة في البار.

والحبُّ وقتٌ طويلٌ من كانون الثاني إلى كانون الأول، والحربُ وقتٌ قصيرٌ من تشرين الثاني إلى تشرين الأول، وكنا تعاهدنا على البدء في آذار، قلتُ إنَّ شاعرين عظيمين ولدا في الشهر الأخضر، وقلتِ إنَّ عندليباً وأمَّكِ وشجرة ماتوا أيضاً في الشهر الأحمر. دعكِ أيضاً من نيسان فالكذبُ الأبيض لا يصدَّق، ولا تعوِّلي أبداً على أيار الأصفر، حزيران كما تعرفين مشؤوم، وتموز التباس الأسماء بين الثورة والانقلاب، وآب لا يصلح لعمل مفيدٍ، وأيلول.. عمى الألوان. يتبقى شباط؛ هل يمكنكِ أن تثقي بصحوه؟ أما أنا فلستُ متأكداً أنَّ الحربَ ستصعدُ إلى الروزنامة.

سأهديكِ روزنامة العام الجديد، في صفحة تشرين الثالث هناك صور مصقولة لغابة بولونيا الباريسية، سألتقيكِ هناك في موعد قريب، في كانون الثالث، وساعة رمل سأهديكِ، عبأتها رملة، رملة في رحلة الشتاء قبل صيف إلى الربع الخالي، هناك أيضاً سنلتقي لما يحدث "الانقلاب" المفاجئ على الطبيعة، وتقرأ عشبة جافة بيانها الأول: أنا أوركيدا لسبعة أيام، ثمَّ نبدأ رحلة الأبد، سأهديكِ في مستهلها ساعة ضدّ الماء، إنْ اضطررتِ لعبور النهر. سأطوِّقكِ بالوقت الأبيض، المحايد، السادة؛ الوقتُ الغليظ في الألف الرفيعة التي تفصل الزمن عن الزمان.

E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of Because I Care JO to add comments!

Join Because I Care JO

Statement


اللامُبالاةُ ليست فلسفة,وهى حتماّ ليست موقف؟ موجودون نحن اليوم لأنّنا نهتــــمُ , ففي مكان وزمان ما,وُجد شخص ما,إهتمّ بنا يوماّ, حقاّ. أنا مُهتمّة بكثير من الأشياء من بينها,النّاسُ الجميلة,النّاسُ النغم. في الواقع النّاسُ هى أجملُ خيارات الكون؟ فقط نحن من نسينا ذلك ؟ بماذا تهتمُ؟ وبمن تهتمُ؟ ولماذا تهتمُ ؟ وشو هو الشى المُهم لك / لكي وعنجد تصريح رقم 1
عندما نهتمُّ حقاّ تُفتح الفرص والأبواب المُغلقة على  مصراعيها, وكلُّ ما هنالك أنّك تحتاجين الى المُبادرة. نعم هذا كلّ ما في الأمر ! الكثير من التشبيك والتواصل وأخذ زمام تصريح رقم 2
ويتبع...

scriptsDiv

Sponsored

Ads

[+]