انتهى العام أو بدأ، لستُ أذكرُ، لكنَّ حصيلةً مؤسفَةً من الأعوام تفصلنا الآن (أي قبل ربع وقتٍ من عملة الزمن الفضية). أحدِّقُ في الروزنامة التي جاء بها الساعي إليَّ قبل قليل، ورقها المصقول يفيدُ أننا في العام الرابع عشر بعد ميلاد الصبيِّ الذي مات على هيئة نطفة. كان من المفترض أن يكبر خمسة أجيال، ويصير ولداً غبياً أو ذكياً، ولو عاش قليلاً لأخبرته صبية في الحيِّ بأن صوته كناريٌّ، وشاركَ في النسخة الأخيرة من "ذا فويس"، وخسِرَ كما يخسرُ التعساء، وأطالَ اليأس مع الحياة، حتى يتمنى، أثناء تحديقه في روزنامة مصقولة، أنْ يعودَ عَلَقة!
من تراب جسدي، وقمحه، عبَّأتُ يا حبيبتي "ساعة الرمل" الموثوقة: الوقت "خالي الدسم"، والأيام "منزوعة البركة"، والسنوات اندمجت أخيراً في سباق المسافات الطويلة، والقرونُ زوائد زمَنيَّة يمكنُ إجمالها بـ "العَصْر" أو ما قبله بصلاة. هكذا يا حبيبتي يبدو الآن (أي قبل قليل) أنَّ حقبة قد مرَّت سهواً من بين أصابعنا. كنَّا على وشك أنْ نتصافح لكنَّ الدَّهرَ أدرَكنا!
Comments