بيكوز آي كير_خاص_فاتن سلمان "النجاح الحقيقي والإنجاز النوعي لا يكون إلا بخدمة الإنسان أولاً وأخيراً، ولا يتأتى إلا بوجود أشخاص يؤمنون بك ويشجعونك ويوجهونك ثم يشاركونك لحظات النجاح، وأنا ممتنة لكل الذين دعموني ووقفوا بجانبي منذ بداية مسيرتي وحتى الآن، فلولاهم لما كنت على ما كنت عليه"
بهذه الكلمات بدأت العين هيفاء النجار حديثها الخاص لـ موقع "لأنني أهتم"، حيث حرصت في البداية على توجيه هذه الرسالة لنفسها ولكثير من السيدات اللواتي نجحن في حياتهن وحققن العديد من الانجازات
وترى النجار أن "تشجيع الآخرين له الأثر الإيجابي الكبير علينا.. وشق طريقنا نحو التميز والابتكار والإبداع"
كانت بدايات النجار موعودة؛ ففي المدرسة حصلت على الدعم من المعلمين والأهل، والأهم من كل هؤلاء طلبتها الذين تحب وتعشق، فقد أحيطت بمجموعة تثق بها وتدعمها وتوجه لها النقد البناء، وعلى رأس هؤلاء والدتها وعائلتها، ولهذا شقت طريقها نحو التميز بثقة كبيرة
كما كان لعملها في مجال التعليم الأثر الكبير على نموها الشخصي والمهني، فهي ترى نفسها متعلمة مدى الحياة، وأن خبراتها منحتها فرصاً شتى لتبادل العطاء في سبيل النماء والتطور للجميع
تقول النجار: "عندما كنت أواجه مشكلة ما كانت والدتي رحمها الله تطلب مني أن أقف أمام المرآة.. وتقول انظري لتعرفي من السبب في هذه المشكلة.. أنتِ السبب.. وعندما أتمكن من حلّها كانت تعاود الطلب مني أن أقف أمام المرآة مرة أخرى وتقول لي انظري من الذي حلّ المشكلة؟، وعندما أجيب أنا، كانت تقول لي عليك مشاهدة العشرات أمامك في المرآة وهم كل الذين ساعدوك في حل المشكلة.. ومنذ ذلك الوقت تعودت أن أتحمل مسؤولية كافة مشاكلي وقراراتي وأخطائي، فمسائلة نفسي قيمة أساسية لتطوير العمل، ولكننا لن نستطيع فعل ذلك وحدنا إن لم يكن هناك من يوجهنا ويدعمنا ويساعدنا حتى عندما ينتقدنا. والمطلوب أن نفتح قلوبنا وعقولنا حول النقد الإيجابي وأن نحث عليه لإيجاد الحلول والبدائل"
وترى النجار أن الانسان يحتاج وبشكل دائم إلى قوة داخلية وطاقة تدفعه لتقديم الأفضل، لذا فهو يحتاج إلى الجميع في حياته؛ الأهل والأقارب والأصدقاء والزملاء خصوصاً المرأة.. فهي تدرك أنها لا تتطور إلا بوجود مشجعين وداعمين لمسيرتها
كما ترى النجار أن الحياة هي سلسلة من العلاقات والقصص التي نعيشها مع الآخرين. فقد تعرّضت النجار للكثير من المواقف التي جعلتها قوية قادرة على السيطرة على انفعالاتها وعن ذلك تقول" في حياتي تعرضت لمواقف كثيرة، وأكثر موقف آلمني كان تعرض أخي لحادث سير، وقد كنت برفقته. وأذكر أن الجيران والناس اجتمعوا حولنا ليخففوا ألمنا. كان عمري في ذلك الوقت 4 سنوات، وما زلت أذكر كيف خفف الجيران عني وساعدوني لأتجاوز هذه المحنة... ومن هنا بدأت أعرف قيمة أن تكون محاطاً بالناس وتتبادل معهم كافة الانفعالات والمشاعر من أحزان وأفراح وهموم"
ومن المواقف التي أحزنت النجار هي وفاة والدتها، حيث تأثرت كثيراً بفقدانها نظراً لأنها توفيت بشكل فجائي نتيجة سكتة قلبية، وهنا تقول " تألمت كثيراً إلى أن زارتني والدتي في المنام وقالت لي (حتى المصائب حبلى بحياة جديدة ووعليك أن تكوني أفضل أم وابنة وأخت ودورك لم شمل العائلة لكي تتجاوزي هذا الفقد).. وهذا الموقف أحزنني وعلمني الكثير، فقد كنت عاجزة أمام فقدها، ولكنه أمدني بالقوة لتحمل الألم والتعاطف مع من حولي"
وتؤمن النجار بالإلهام الذي يأتي من الآخرين، حيث تشير إلى أن والدتها كانت الأكثر إلهاماً بالنسبة لها، بالإضافة إلى زوجها والكثيرين ممن تلتقي بهم، فهي تعتقد أن الإنسان يستطيع التعلم ممن يتعامل معهم في حياته والتأثر بهم والتأثير فيهم، هذا بالإضافة إلى التحلي بروح الإيجابية والتسلّح بالأمل الدائم
وتقول "لا يزال أمامي طريق طويل لأتعلم.. وأشعر دائماً بسعادة وراحة داخلية، أمامي الكثير لأنجزه وأحققه.. أرغب أن أكتب.. فأنا أحب الكتابة كثيراً.. وأيضاً عزف البيانو والغناء"
وتؤمن النجار كذلك بالشباب وقدرتهم على تحقيق التغيير في المجتمع والوصول إلى المستقبل الزاهر، مشيرة إلى أهمية المؤسسات الداعمة على اختلاف مجالاتها في توفير الأجواء الإيجابية والتعليم والبوصلة الصحيحة للسير نحو الأهداف الإيجابية في الحياة
وتدعو النجار الشباب إلى التعلّم المستمر والعمل على ترجمة طموحهم وشغفهم في الحياة إلى برنامج أو مشروع، وهنا توجه حديثها للشباب فتقول: " اعرف ماذا تريد.. وعندما تعرف ماذا تريد وتبني على نقاط القوة، وتعرف أين مهاراتك وقدراتك.. قم باستغلالها في العمل المنتج والإيجابي، وخصص ساعة من وقتك للتطوع، ومساعدة الآخرين فهذا يساهم في تحقيق التغيير نحو الأفضل"
ويحتل إحياء المشروع التربوي الأردني أولى اهتمامات النجار؛ لاسيما وأنها ترى أنّنا نملك القدرة والطاقة والامكانيات الهائلة التي تحتاج إلى التشبيك والأمل وتشخيص الواقع بشكل عميق للتخلص من كافة السلبيات
تقول النجار " لكي ننتج جيلاً إيجابياً وواعياً علينا أن ندعمهم أولاً في البيت ومن ثم في المدرسة، وننمي قدراتهم ومواهبهم وإبداعاتهم ومهاراتهم لننتج جيلاً لا يحكم بل يتفاعل، ولا يعيش بعزلة مع الآخر بل يحمل المسؤولية لأن البيت والمدرسة والمجتمع شركاء في بناء الانسان المنتج والمبدع والتفاعلي والإيجابي"
وتضيف " أهتم بدعم التعليم والمعلم وأعمل دائما على رفع الوعي وتطوير مدخلات العملية التعلمية وعملياتها من أجل تحسين المخرجات المطلوبة، كما وأتطلع دوماً لضرورة تغيير الأنماط واستبدالها بأنماط جديدة لإجراء التحول التربوي المطلوب، وخلق تفاعل بين القيادات التربوية ، وطموحي أن أرى أردناً منتجاً أخضر ديمقراطياً مدنياً نموذجاً للتربية والتعليم.. أما طموحي الخاص فهو أن أمنح الطاقة الإيجابية لكل من حولي وأن أقدم هذا النموذج التربوي الأردني الجديد للعالم"
حصلت النجار على جوائز وطنية ودولية عديدة منها جائزة الحسين للقيادة الإنسانية وجائزة الحسن للتميز التعليمي وجائزة المجلس الأوروبي للمدارس العالمية، فقد عملت في مجال التعليم في العديد من المؤسسات التعليمية، وبالإضافة إلى كونها المديرة العامة لمدرستي الأهلية للبنات والمطران للبنين، فهي عضو لجنة التربية والتعليم في مجلس الأعيان الأردني، ومجلس التربية والتعليم في الأردن، والمجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، واللجنة الوطنية لتطوير امتحان شهادة الثانوية العامة، واللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية
وهي أيضاً رئيسة اللجنة الفنية لجائزة الملكة رانيا العبد الله للمعلم والمدير المتميز، فضلاً عن العديد من العضويات السابقة كمجلس الإدارة المؤسس لأكاديمية الملك ، ولجنة سياسات التعليم التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وعضو منتخب في المجلس الأوروبي للمدارس الدولية ، كما ترأست اللجنة الإقليمية لممثلي مدراء المدارس لدى منظمة البكالوريا الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا وأوروبا ، وكانت عضواً منتخباً في لجنة ممثلي مدراء مدارس منظمة البكالوريا الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وافريقيا وأوروبا ، واللجنة الدولية لممثلي مدراء مدارس منظمة البكالوريا الدولية ، والمجلس الاستشاري الإقليمي لدى منظمة البكالوريا الدولية ، والمجلس الاستشاري الاستراتيجي الإقليمي لمدراء منظمة البكالوريا الدولية ، وغيرها العديد من اللجان والمجالس
وتؤكد النجار على أن العملية التربوية ترتكز على مرتكزات كثيرة، إلاّ أنّ العنصر الأهم في إدارة العملية التعليمية برأيها هو القيادة التربوية الرؤيوية الداعمة والمؤمنة بالمعلم كقائد، وهنا تقول "آن الأوان لاستقطاب النوعية المتميزة من الخريجين ومن كافة التخصصات ليصبحوا معلمين، لأننا نريد المعلم القدوة الذي يحمل رسالة، ويؤمن بالتعليم كوسيلة للتغيير ولديه شغف وهو يراقب أبناءه وهم يتطورون ويتفاعلون ويتساءلون وينقدون وينتجون الجديد ويكبر وعيه معهم وهو يتعلم ويتطور معهم ومن خلالهم
وتضيف" يأتي بعد ذلك دور التأهيل والتدريب والتعليم المستمر للمعلم، لبناء قدراته الذاتية والمعرفية لكي يتسلح بالحكمة والرؤية ويكون قادراً على توجيه طلبته وإرشادهم، وزرع القيم النبيلة وقيم المواطنة الحقة في نفوسهم.. إن معلماً يحاور وينصت بقلبه وعقله سيؤثر بعمق وأصالة في طلبته فيغدون مواطنين متحاورين متقبلين للرأي الآخر"
وترى النجار أهمية التشاركية من أجل خدمة التعليم، حيث تؤكد على دور القطاع الحكومي والخاص بالإضافة إلى النقابات المهنية ومؤسسات المجتمع المدني في إيلاء التعليم الاهتمام الكبير وتقديم الدعم المادي والمعنوي لوزارة التربية والتعليم من خلال إطلاق المبادرات المختلفة، وتبني المواهب الطلابية ودعمها
وتشدّد على ضرورة تحسين البنية التحتية للمدارس، وتوفير كل ما يلزم من أجل تقديم بيئة صحية سليمة آمنة للطالب؛ عبر توفير غرف صفية مناسبة غير تقليدية، بحيث يكون كل صف عبارة مساحة للتعلم والتغيير والتعرف على الذات، ومختبر للتشجيع على البحث والسؤال والتجريب، بالإضافة إلى المسارح والملاعب والمراسم التي تسهم في مخاطبة ميول الطالب والعمل على صقلها
وفيما يتعلق بالمناهج التعليمية دعت النجار إلى ضرورة الاستمرار في تعديلها وتطويرها من خلال التركيز على انتخاب نصوص مشرقة تدعو إلى الحق والجمال والمحبة للمساهمة وبشكل كبير في تطهير الطالب وابتعاده عن العنف والتمييز والتحريم والتجريم
وأضافت النجار" أي نصوص يتعلمها طلبتنا يجب أن تخضع من قبله للنقاش والمساءلة والتحليل، وذلك كي يشعر الطلبة بأهميتهم وقدرتهم على إبداء الرأي والحكم على الأشياء. كما على المدرسة أن تعلم التاريخ، وتحفز الطالب على فهمه وهضمه وربط الأسباب بالمسببات، ليصنع تاريخاً جديداً. وعليها أن تولي الموسيقى والغناء والدراما جل اهتمامها، فهذه الأنشطة مجال خصب للتعبير الحر والإبداع والتحليق خارج كل ما هو مألوف"
وعلى الرغم من كافة التحديات التي تواجه المعلم داخل غرفة الصف ترى النجار أهمية إعلاء قيمة المعلم المبتكر الخلاق المبدع المؤمن برسالته ودوره، وهنا تقول " علينا جميعاً ألّا نخذله (المعلم)، لأن خذلانه يعني وأداً للأمل وقتلاً للطموح، ولكن على المعلم أن يبدع في وسائله وأساليبه وطرائق تعليمه، ولا يجعل من الكتاب المدرسي عائقاً أمام انطلاقه في دروب المعرفة والعلم، وأن يجدد نفسه ومعرفته ولا سيما في زمن ضخ المعلومات وسهولة الحصول عليها"
وتضيف " كي يصبح لدينا المعلم الذي نريد لا بد من القيام بجملة من الأمور، ولعل من أهمها تأهيل المعلمين وتدريبهم قبل البدء بالتعليم وأثنائه، كما أن علينا دعم المعلم مادياً ليستعيد مكانته الاجتماعية التي تليق به لكي يعطي من قلب صادق جهداً دؤوباً، ولكي يظل الطالب محور اهتمامه"
ومن المعروف أن النجار قد قضت سنوات عملها في قطاع التعليم، فهي تعتبره ركيزة أي مجتمع، لأنه يبني الإنسان الذي سيصبح بعد ذلك معلماً ومهندساً وطبيباً وسياسياً، فهو مهنة كل المهن
وترى أن العمل فيه يولّد الصبر ويعلّم التعاطف والتسامح، كما يعزز عمل الفريق وتحسس قضايا الناس عن قرب، والسعي الجاد لحلها، وتؤكد على أنها اكتسبت كافة هذه القيم خلال عملها مع الشباب سواء المتعلمين أو المعلمين المتعلمين، وما نيلها لثقة جلالة الملك عبد الله الثاني بعضوية مجلس الأعيان إلا تتويج لعملها كتربوية صاحبة رؤيا قريبة من الشباب ومعايشة لهمومهم
تم اختيار النجار من ضمن أكثر الشخصيات تأثيراً في الأردن في العامين 2008 و2014، وضمن أكثر السيدات العربيات تأثيراً في استطلاع عربي آخر وحول ذاك تقول النجار "يعود ذلك إلى الإيمان بالعمل، والإيمان بالبشر، والإيمان بالأردن، بالإضافة لترجمتي العملية لمقولة للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (قيمة المرء وما يحسنه). فضلاً عن المساءلة الذاتية، فالوسطية في الأداء هي مرض فتاك ينخر المؤسسات والمجتمع، ولهذا فإنني أرفض أن أكون وسطية الأداء فأرفض مسؤوليات تعرض علي إن كنت أشك ولو للحظة أنني لن أسهم مساهمة فاعلة في هذه المسؤولية أو تلك. كما أنني محاطة بفريق داعم يوفر لي مساحة للتحرك. وأذكر هنا مقولة لطاغور (كنت أنام وأحلم أن الحياة فرح، وكنت أستيقظ وأحيا أن الحياة مجرد خدمة، وخدمت وفهمت أن الخدمة فرح)، وهذا ما يمنحني القوة والنشاط للعمل مهما تعاظمت المسؤوليات"
تؤمن النجار بالمرأة الأردنية وتؤيدها بقوة لكنها لاتزال غير راضية عن دورها ومشاركتها في مختلف المجالات ولاسيما الاقتصادية والسياسية، وترى أن تمثيل المرأة في المواقع القيادية ومواقع القرار دون المستوى المطلوب
وتؤكد على أن تشجيع المرأة على العمل سيفرز النساء المتميزات، ومن ثم سيتقلدن المناصب العليا كنتيجة طبيعية في دولة تؤمن بالإمكانيات وتعمل على رفع قدرات المرأة بغض النظر عن الجنس
كما تؤكد على ضرورة التوازن ، والتوازن لديها لا يعني نصفين متساويين بل يعني العدالة، فتقول" يمكن للمرأة العاملة أن تقضي وقتاً أقل مع زوجها وأولادها ولكن قد يكون هذا الوقت نوعياً مكثفاً. كما أن العمل يحقق رضا داخلياً ويسهم في تطوير شخصية الإنسان، حيث يتعرض لخبرات عملية وحياتية متنوعة، وهذا ما ينعكس على تربيتها لأبنائها"
وتنهي النجار حديثها بقولها "الجيل القادم هو الذي سيحمل مشعل التغيير، فالمرأة الواعية ترفد الوطن بأفراد واعين سيصنعون مستقبلاً أجمل لنا ولوطننا وللأجيال القادمة ، إن الحياة ينبوع حب وعطاء متجدد وعملية تعلم مستمرة، وقدرة الانسان على بناء تعلمه من جديد بتأمل ونقد ذاتي وانفتاح مستمر وبتفاؤل وأمل وإيجابية وفرح"
Comments