بيكوز أي كير_خاص تؤمن الدكتورة اغادير جويحان المدير العام لمؤسسة الأميرة تغريد للتدريب والتنمية أنّ "المرأة ليست بحاجة إلى مساواة بل هي بحاجة إلى حق الاختيار، وذلك بعد اتاحة كافة سبل التعلم والتعليم والتدريب والتثقيف معرفياً ومهاراتياً لها تماماً مثل الرجل، وهنا تستطيع الاختيار لتكون أم أو عاملة أو صاحبة أعمال ... فحياتنا كلها هي عملية سيكولوجية داخلية نحن نقررها لنحقق ذاتنا وطريقنا في هذه الحياة".
بدأت جويحان تهتم في تمكين المرأة منذ دراستها القانون ومعرفة حقوقها في هذه الحياة وحقوق الانسان وواجباته، ومن ثم بدأت دراساتها العليا، حيث كانت من الدفعة الأولى لبرنامج الماجستير في دراسات المرأة في الجامعة الاردنية والذي تم طرحه آنذاك بدعم من صاحبة السمو الملكي الأميرة بسمة بنت طلال، لتكمل بعدها الدكتوراه في أصول الفكر والتنشئة الاجتماعية والتنمية السياسية، حيث علمت حينها أن قضية المرأة لا تتعلق في الرجل والحصول على حقوقها منه، لأن المرأة هي المربية الأولى للرجل وهو أمر يتطلب التوجه نحو توعية المرأة بأهمية الابتعاد عن الصور النمطية لهذه التنشئة والبدء بتثقيف نفسها وتدريبها وتعليمها لتستطيع استحقاق ما تطالب به من حقوق.
وتتسم مسيرة جويحان المهنية والعملية بالمثابرة والعمل والإرادة والتنوع؛ فقد بدأت مسيرتها في القطاع التربوي من خلال العمل ولمدة عامين في المدرسة الأهلية للبنات (وهي مدرستها التي تخرجت منها في الثانوية العامة) حيث انشأت قسم العلاقات العامة ، ثم بدأت مسيرتها المهنية في الديوان الملكي الهاشمي منذ عام ١٩٩٩ مع صاحبي السمو الملكي الأمير محمد بن طلال والأميرة تغريد محمد إلى الآن، كما عملت استشارية للعديد مع دول الخليج في القطاع التنموي والتربوي والاجتماعي القانوني .
وتؤكد جويحان على أنّ الإرادة تتحدى الصعاب، فهي لا تؤمن أبداً بالفشل فهي كلمة غير موجودة في قاموسها في حياتها، وتقول "ما يسميه البعض فشلاً أطلق عليه تجربة أستفيد منها وتمنحني قوة للسير إلى الأمام، جميعنا نواجه تحديات كبيرة في حياتنا بعضها اجتماعي أو ثقافي أو غريزي ، وكنت أواجه هذه التحديات بداية بالإيمان فيما أقوم به ، والتوكل على الله عز وجل".
وتضيف "المرأة في مجتمعنا تكون تحدياتها كبيرة بسبب الصورة النمطية التي تتناقلها الأجيال وتحد من استخدام المرأة لكافة طاقاتها الإبداعية لتحقيق طموحها ولكنني والحمد لله كنت دوما أراعي مجتمعي وأضع الأخلاق والمبادئ بداية ومن ثم انطلق دون توقف وبإيمان مطلق فيما أقوم به لأنه في النهاية لا يصح الا الصحيح".
وترى جويحان أن قوتها تكمن في إيجابيتها في التعامل مع التحديات وفرض النوايا الحسنة في كل ما تواجهه فالله هو الموفق سواء في العمل أو الرزق أو التطور، وتقول " اعتبر نفسي محظوظة بوجود دعم دائم لي ممن حولي بداية من والدي رحمه الله ووالدتي أطال الله في عمرها وزوجي الذي آمن بي منذ البداية ومنحني القوة للاستمرار والتطور وأبنائي حفظهم الله وتحملهم لي ولطموحي وعملي".
وحول عملها في مؤسسة الأميرة تغريد، تؤكد جويحان على أنّ المؤسسة بدأت كحلم صغير جداً لحل مشكلة مجموعة من الفتيات من فاقدي الرعاية الأسرية الطبيعية من الأيتام اللواتي نشأن في المؤسسات الاجتماعية، حيث شعرت جويحان بداية أنّ العديد من أفراد المجتمع يعاملهن بتمييز بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة ، حيث حاولت وبدعم من صاحبة السمو الملكي الأميرة تغريد محمد حفظها الله إيجاد حلول نفسية وعاطفية لتمكينهم ذاتياً لاستحقاق الاحترام والتقبل في المجتمع، بالإضافة إلى العمل على تغيير وجهة نظر المجتمع اتجاههم من خلال إيجاد قدوات نجاح تدعم ذلك .
تطور المشروع ليصبح مؤسسة متميزة؛ تميزت بالفتيات الخريجات اللواتي اثبتن أنفسهن وأصبحن جديرات بالاحترام والتقدير ممّن حولهن، حيث تقول جويحان " أهم المخططات المستقبلية بالنسبة لي أننا حققنا وبالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية إيجاد حل دائم وهو برنامج الرعاية اللاحقة للفتيات بعد سن ١٨ إلى ٢٤، حيث تم توقيع اتفاقية رسمية مع الوزارة بأن يتم تحويل الفتيات من كافة المؤسسات الاجتماعية لنا لنقدم لهم الخدمات النفسية والاجتماعية والتوعية الصحية والقانونية والمهارات الأساسية للحياة وتدريبهم حسب قدراتهم المهنية او الأكاديمية ومن ثم دمجهم بالمجتمع بعد أن نحقق لهم استقرار مهني واجتماعي" .
وتضيف "لقد قام سيدنا صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ببناء شقق سكنية لهم تحت إشرافنا يستفدن منها خلال تدريبهم وتأهيلهم بجانب مبنى المؤسسة والذي سيتم افتتاحه رسمياً بإذن الله بنهاية هذا العام كما قمنا بإنشاء خمسة مراكز للمؤسسة في المحافظات لتقديم خدمات متنوعة للمرأة والأسرة من استشارات نفسية واجتماعية وصحية وتربية خاصة وتمكين ذاتي وتدريب مهني وإحياء الحرف التقليدية، بحيث يتمتع كل مركز بخصوصية حسب المنطقة والموارد الخاصة في المنطقة لتنمية القرى والأسر وفتح السبل للعمل والتطور الاجتماعي والمهني للنساء في تلك المناطق".
وتشدد جويحان على أهمية التنشئة الاجتماعية لاعتبارها أهم المؤثرات التي تُشكّل أفراد المجتمع ، سيما وأنّها وعلى تعدد وسائلها يتسلّح من خلالها الطفل بأفضل المكونات الشخصية التي تجعله عضواً فاعلاً ومتفاعلاً في مجتمعه .
وترى أن هناك تحديات كبيرة خاصة فيما يتعلق بالإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التي أصبحت تعترض تربية الأبناء تفقدهم القيم والأخلاق والمبادئ التي تربينا عليها ويمتاز بها المجتمع العربي المتماسك والمترابط على مستوى العائلة والمجتمع .
وتشير إلى أنّ العولمة أفقدت الأجيال الجديدة هويتها إذ أصبحت الاهتمامات للجيل الجديد دنيوية واستهلاكية بعيدة عن الإبداع والابتكار، فأصبح الكثير يأخذ دون أن يعطي، وفاقد الشيء لا يعطيه، لافتة إلى ضرورة التركيز على إعادة الأهمية للعمل والعطاء لأبناءنا منذ طفولتهم لكي نحافظ على الانسانية، إضافة إلى التركيز على الجانب الإبداعي سواء في المدارس أو البيت، وإعادة مبادئ الاخلاقيات التي تميزنا بها وإعادة غرسها في الأجيال القادمة وذلك باستخدام الوسائل الحديثة والمتطورة كالبرامج الالكترونية أو الإعلامية التي اعتاد عليها هذا الجيل ، وهو شيء ليس بسهل علينا ولكن يجب ان نتوجه به بتكنولوجيا حديثة تكون مقبولة لديهم .
وحول مشاركة المرأة ودورها في صنع القرار تشير جريحان إلى أن أهم ما يلزم المرأة لزيادة مشاركتها في صنع القرار هو أن تستحق ما تقوم به، إذ يجب على المرأة أن تسلح نفسها بالمهارات اللازمة لتكون صاحبة قرار سواء اكاديمياً أو علمياً أو معرفيا أو مهاراتياً أو فنيا . فليس هناك أي مستحيل أن تصل المرأة إلى أعلى المواقع إذا كانت تستحق هذا الموقع .
وفي هذا المجال تشير جويحان إلى أن أهم التحديات التي تواجه المرأة هي الثقة بالمرأة من قبل ( المرأة والرجل ) على حدٍ سواء؛ فعلى المرأة أن تثق في مثيلتها وتدعمها وتساندها اذا استحقت الوصول إلى مواقع القيادة، إضافة إلى إيمان المرأة بالمرأة .
وتقول "اعتقد أنه وللأسف أن العدو الأول للمرأة هي المرأة وليس الرجل لذا يجب أن تعمل المرأة بجهد وتدرب نفسها لتكون جديرة، وعلى المرأة والرجل أن يتيحوا هذه الفرصة للنساء القياديات اللواتي عملن جاهدات للوصول إلى مواقع صنع القرار والقيادة".
وتشير إلى أهمية القيادة العملية التي يكون فيها القائد مثلاً أعلى لفريقه عملياً وليس بالتلقين والأمر، بحيث يكون جزء لا يتجزأ من الفريق كما يجب أن يصحبها السيكولوجية العملية لإنشاء الجو الصحي المناسب بين أفراده، وعندها يتم اتخاذ القرارات بناء على مصلحة الجماعة والأفضل للمجتمع الذي نعيش به مع مراعاة العادات والتقاليد والأطر الثقافية والدينية والأخلاقية فعملية اتخاذ القرار يجب أن تبتعد كلياً عن الشخصنة والمصالح الذاتية لتحقق التنمية والتطور اللازم لمجتمعاتنا، إضافة إلى ضرورة وجود رؤية واضحة بعيدة المدى لمنفعة المواطن والإنسانية والمجتمع.
وتشارك جويحان في عضوية الكثير من المنظمات النسائية والفكرية العربية والعالمية وأهمها بالنسبة منتدى الفكر العربي، وهي تشغل منصب أمين عام ملتقى المبادرات النسائية بين الشرق والغرب وافريقيا، ومنسق الشأن العربي لدى مجلس سيدات الاعمال العرب ، وعضو في منظمة الأمل العالمية ، وعضو في نادي سيدات الأعمال والمهن الأردني، وهي أيضاً أمين سر مؤسسة الأميرة تغريد، وعضو في الهيئة الإدارية لجمعية نهضة المرأة الاردنية ، ونائب رئيس في ملتقى المرأة العربية ، وعضو في مجلس الحرف العالمي وغيرها من المنظمات .
كما شاركت في تأليف كتب علمية أكاديمية وهي إدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي والمكتبات، وكتاب في مدخل إلى علم الاٍرهاب ، بالاضافة إلى الموسوعة العلوم التربوية. كما وشاركت في كتاب جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال ( ملك يختزل عنفوان النص) وكان يتحدث عن قصص إنسانية لجلالة المغفور له من ٨٥ شخصية رسمية واجتماعية .
وتنهي جويحان بقولها " خلقنا جميعا في هذه الحياة لتقديم رسالة معينة تترك بصمات للأجيال القادمة وتقدم العبر والدروس من خلال التجارب التي تعرضنا إليها وبالنسبة لي فإنّ الإيجابية والأمل والمحبة هي من أهم الصفات التي يمكن من خلالها أن ينعم الإنسان بالسعادة والهناء . ولقد وجدت سعادتي الحقيقية في العطاء بلا حدود وبلا مقابل فما أجمل أن يقوم الإنسان بمساعدة غيره دون انتظار أي مقابل أو هدف فالحياة دون عطاء كالشجرة دون الماء ، لا تلبث أن تذبل وتموت وتنتهي من هذه الحياة دون أثر" .
Comments