كتب.. عبيده يوسف عبده
للراي العام ويقظة الضمائر وايصال الحقائق المترتبة على تصويت النواب اليوم مادة308
الحالات مع تعديل احكام المادة 308 قانون العقوبات وليس الالغاء للمادة 308 .
يوجد قانون وهو الفيصل.
على ضوء استمرار الجدل القائم حول ضرورة إلغاء نص المادة 308 من قانون العقوبات واستخدام معلومات مغلوطة وتهويل ومبالغة غير مسبوقة لتبرير ضرورة الالغاء وليس التعديل على المادة فإننا نود الإشارة لما يلي
أولاً : إن القاعدة التشريعية الثابتة تنص على أن المشرع لا يلغو وأن المبادئ الفقهية والتشريعية تنص على أن يُبريء مائة مجرم خير من أن يدان بريء واحد و نظرا لان السياسة التشريعية المتطورة للعقوبات انتهجت مبدا العدالة التصالحية المؤسسة على اختلاف وجهة نظر المشرع لمبدا العقوبة بدمج الردع مع الاصلاح ، كنهجين متوازيين كما هو حاصل في قانون الاحداث ، و الفصول المتعلقة بقانون العقوبات بسرقة الاصول للفروع ، و حتى في قانون الجرائم الاقتصادية ، بما يوفر الحل الامثل للمجمتع بحفظ امنه الاجتماعي و الاقتصادي و للافراد باستقرار العلاقات بينهم .
ثانياً : إن المادة 308 من قانون العقوبات جاءت ضمن منظومة تشريعات كاملة متكاملة و مرتبطة مع بعضها البعض ، حيث ان القانون يقرا كوحدة واحدة ،و ان يطل علينا البعض بتساؤل مثل ( ما دخل نصوص القانون ببعضها البعض ) رغم ان الاصل انه يقرا كوحدة واحدة ان المشرع اذا وضع نصا او الغاه انما يكون ضمن توجه تشريعي واضح ، و حيث ان المشرع الاردني كان قد عدل سن الحماية القانونية للقاصر فقد تناغم هذا مع رفع العقوبات على كافة حالات الاعتداءات الجنسية على الأفراد وهي سبع جرائم كما منعت المادة (308 ) مكرر في حالات ( الاعتداء الجنسي الواقع على القاصر) من تخفيف العقوبة على الفاعلين حتى باسقاط الحق الشخصي ، و هي عقوبة سالبة للحرية تبدأ بالسبع سنوات و تنتهي بالإعدام في كافة قضايا الاعتداءات الجنسية الواقعة على الذكر و الأنثى .وبالتالي فان التعديل اقتصر على الاستفادة من امكانية الزواج لثلاث حالات يتوافر فيها عنصر الرضا
ثالثاً : إن عدم التفريق في مطالبات إلغاء المادة 308 بين سن التكليف الشرعي و الذي تتخذه قوانين الأحوال الشخصية معيارا ، و بين سن الحماية القانونية الذي يكفله قانون العقوبات لمن هم دون سن الثامنة عشرة لا يتحمل وزره قانون العقوبات الأردني مع اشارة الى ان المشرع الاردني لمن لا يعلم لم ياخذ بسن واحدة في كافة التشريعات فلابد من التذكير ان سن المسائلة الجزائية هو( ١٢) عاما وما دون ذلك يعد (ولدا / طفلا) ، اما فوق( ١٢) عاما فقد صنفه قانون الأحداث اما بالمراهق او الفتى ولا مجال للقول ان من هو اقل من (١٨ )عاما بعد طفلا كما تنص اتفاقية حقوق الطفل على سن (١٨) عام اذا لم يكن القانون الوطني يحدد سنا اخر . فنجد في المنظومة القانونية لدينا ان سن الانتخاب (١٧) عام وسن العمل (١٦) وسن البلوغ الشرعي (١٥) عاما في حين ان سن الأهلية القانونية (١٨) عام الا ان القانون المدني سمح للصغير المأذون بممارسة اعمال الادارة والتجارة من سن (١٥ )عاما اي ان سن ( ١٨ )ليس ثابتا و انما يتغير و رغم ان قانون العقوبات الاردني اخذ به كحد للحماية القانونية فلا يجوز أن نحمل لاحكام المادة 308سن البلوغ الشرعي في قوانين اخرى والمحددة ب 15 ، و كذلك الأمر فيما يتعلق بفحص الحمض النووي حيث أن قانون العقوبات ليس من اختصاصه تحديد سن الزواج و لا إجراء فحص الحمض النووي لغايات إثبات البنوة مما يعني زيادة الاعباء الناجمة عن عدم الزواج والتي سيتحملها المجمتع الأردني علما ان نسب الطفل المولود من المواقعة الرضى هي الاعلى و ان الاساس في منظومة التشريع الخاصة بالاطفال هي تطبيق سليم لمصلحة الطفل الفضلى .
فطالما ان الإجهاض مجرم قانونا وال DNA لا يكفي وحده والآن هناك من بطالب بعدم السماح بالزواج في حالات المواقعة الرضائية فما هو الحل ؟
ازدياد في إعداد الأطفال مجهولي الاب وازدياد في إعداد الأمهات العازبات ... عندئذ بماذا سنطالب ؟ بالإجهاض لنقلل اعداد الأطفال ؟ بتشريع يضمن الوجود القانوني للام العازبة والاستغناء عن عقد الزواج بين رجل وامراة .
لا محالة في حال تم الالغاء فهذا الوزر سيبقى قائما في ظل غياب منظومة تشريعية متكاملة لا يضمن أحد متى يبدأ العمل بها و متى تتكامل ؟؟
رابعا : إن تجارب الدول العربية الأخرى التي قامت بالغاء النص المماثل لنص المادة 308 لا تشير الى أن الغاء النص سيؤدي إلى انخفاض ظاهرة الاعتداء الجنسي.
فلماذا تتم المطالبة بالغاء النص دون تقديم اية دراسة تتضمن ارقام ووقائع وحقائق للاعتداءات الجنسية الواقعة على القاصرين وانما يتم الاكتفاء بعبارات فضفاضة و برامج توعية وتدريب لا تصل الى الفئات المستهدفة .
خامسا : من المعيب القول أن الأرقام و النسب البسيطة التي تظهرها المحاكم و المؤسسات الرسمية لا تعكس واقع الحال خاصة و أن الأحكام القضائية وهي عنوان للحقيقة لا تعكس الواقع ،بل ويتم القول بأن لا تصل إلى المحاكم ! فاذا لم تصل المؤسسات الرسمية فلابد وان وصلت مؤسسات المجتمع المدني فأين هي هذه الوقائع والارقام ولماذا لا تستخدمها هذه المؤسسات في حملاتها لان الرقم حجة ، اما اذا لم يكن هناك قضايا او أرقام فان ذلك يعني فراغا ويعكس تقصيرا واضحا مجتمعيا من المنظمات العاملة على هذه المسألة في نشر الوعي و التمكين لا يتحمل القانون وزره ، والمحاكم مفتوحة للجميع وفقا لنصوص الدستور الأردني ، وهو بهذه الحالة لا يعدو و أن يكون قولا مرسلا تعوزه البينة .
سادسا : إن الاسراع في الغاء المادة 308 ( مع التحفظ على عبارة أن المشرع يضع نصا سيء الذكر ) دون تقديم حلول جذرية لن يسعف بالحصول على أية احصاءات تعكس واقع الحال ، فما هو عدد حالات الاغتصاب وكم منها تم الزواج ؟ ما هو عدد حالات الطلاق التي حصلت لمن استخدم المادة في الزواج ؟ ما هي عدد الحالات التي تم الاعتداء عليها بالعنف ؟؟ ما هي خلفية المجني عليهم و المتهمين ؟؟وكم منهم اصحاب سوابق ؟
المنطق يقول ان تقديم دراسة واقع حال تقوم على على الأرقام لا على الذرائع والتنظير ؟؟ و ما هي البدائل المطروحة ؟؟ إن القول بالالغاء المستمر طول الفترة السابقة دون عمل أي جهد علمي حقيقي قائم على أسس علمية لا يمكن الأخذ به كسبب موجب لالغاء النص و يعتبر بمثابة ذر الرماد في العيون ، و لا يخدم الأمن الاجتماعي .
سابعا : قد اوصلت الفتيات صوتهن للعديد ممن يطالب بالتعديل منهم من يعمل مع مثل هذه الحالات من أخصائين اجتماعين ونفسين ، الأطباء الشرعيين ، اصحاب السادة المدعين العامين والقضاة واعلامين ومجتمع مدني .
في الاردن لا يزوج المغتصب للمغتصبة و إنما ينبذ الجاني إن ثبت فعله وأن القول بالضغط و التخويف لا يمكن الاعتداد به في ضوء ضآلة إعداد من تم تزويجه بموجب نص هذه المادة ، أما الاعتداد بضآلة استخدامها في المحاكم هو سبب الالغاء فهو مغالطة منطقية تسمى ( المصادرة على المطلوب) حيث أن عدم استخدام نص لا يعني الغاؤه و إلا لألغيت العديد من النصوص بهذه الحجة ( كحالات العدول الطوعي مثلا ) .
كفانا تشويها لسمعة بلادنا و مجتمعنا و جلد أنفسنا و ذواتنا بعبارات أحادية لا تخدم الوطن، فالأردنيون والأردنيات خُلقا و فكرا أسمى من أن يذاع عنهم لغايات الغاء مادة في القانون أنهم يزوجون بناتهم لمغتصبيهم وهذا مناقض لواقعنا .
#تعديل_308 #الأردن
Comments